أَطْفَــال
يأتِي الأســـى من سريعِ القولِ والعَملِ
ولو تبصَّرَ أرضى النَّفسَ فـــي المَهَلِ
وفــي العجالــةِ ضُرٌ لوعلمتَ بِــه
لصنتَ قَلـبكَ مــن وخزٍ ومـن أَسـلِ
والخيرُ أن تنتقي فــي كُــلِّ حَادثَــةٍ
دربَ الســلامةِ قبلَ الفـوتِ والــزَّللِ
فالشــهْدُ فـي الصَّبرِ لـو أنَّ المرارَ بِهِ
والعقــلُ فـي الحِلْمِ لا في سُرعةِ العَجلِ
وقصةٍ ذكــرتْ عنـــدي حوادِثُهَــا
فهِمْتُ فيهـــا ولم أركــنْ إلـى المَلَلِ
أُعطِي وفــي الخيرِ ما أمليهِ منْ قِصَصٍ
مليئةٍ عِبَراً فــي السَّـــمعِ والمُقَــلِ
جـديـدةٍ فــي مَعَـانِيهَـا وأَزمُنِهَــا
صِيغتْ على النَّظمِ من حرفٍ إلى جُمَــلِ
إذْ تشــتكِي الأمُّ من طفلٍ وقـدْ كَسَـرَتْ
يــداهُ صَحنَ زُجــاجٍ تافـــهِ المَثلِ
ويغضبُ الأبُ منـــــهُ حيثُ يضربهُ
ويــربطُ الرُّســغَ في ضِيقٍ على زَعلِ
ونـــامَ ليلتَــهُ والطِّفلُ فــي ألــمٍ
عــانى من الشّــَدِّ آلامـاً ولم يقلِ
وفـــي الصباحِ يُفَكُّ القيــدُ من يـَدِهِ
لــكنْ غـدا الكفُّ مُعيا زائـِدَ العِلَلِ
تـورَّمتْ يــدهُ من شـــدِّ أربطــةٍ
والخوفُ زادَ بقلبِ الطفــلِ من وجلِ
إلــــى الطبيبِ أَتوا منْ نحسِ طَالِعِهِم
وقـــد بدا قولــهُ في غايةِ الجَّلَلِ
لابـــدَّ من قَطعِهَـــا فالكَفُّ في سَقَمٍ
يُــودي بســاعدهِ إنْ مُدَّ في الأجَلِ
ويُقطــعُ الكـفُّ تـــواً والصغيرُ بَدَا
فـي العَجزِ والهمِّ والآهــاتِ والكَسلِ
فــالبيتُ مُضنَى وقلبُ الأمِّ مُنفَطِـــرٌ
مـن رُؤيةِ الطِّفلِ في نقصٍ وفي خَجلِ
طفــلٌ وقد قــالَ يوماً فـــي بَراءَتِهِ
أُريــدُ كَفي صَحِيحَــاً غيرَ مُنفصِلِ
مــا عدتُ أكسـِـرُ صَحناً في يدي أبداً
ســأتركُ اللُعبَ في قَولٍ وفـي عَملِ
هــذا وقــد أثَّــرتْ في العقلِ كِلْمَتُهُ
والأبُّ فــي حُزنِـهِ والعينُ فـي بِللِ
وقـــالَ تلكَ حَيــاتي باتَ يلزَمُهَــا
مـوتٌ أُرَاحُ بِــهِ من عيشــةِ الخَبَلِ
عقـــلُ الطفولةِ لامقيـــاسَ يزجُرُهُ
هــذا البديــلُ عن الإشفاقِ والقُبَـلِ
وأغمــدَ الخِنجَرَ المســمومَ دَاخِلَــهُ
وغـــادرَ العيشَ بعـدَ الضيقِ والخَللِ
فــالصحنُ أدَّاهُ كَفٌّ جــلَّ عـن مَثلٍ
والأبُّ بالكَـفِّ ذاكَ العـَـدلُ فـي البَدلِ
والعقــلُ للمرءِ تــاجٌ لابديلَ لَـــهُ
والحــلمُ للمرءِ شَــهدٌ صُّبَّ مـن قُلَلِ
والصَّبرُ ثــوبٌ كَســاهُ الدرُّ من قِدَمٍ
يعلـــو علـى اللؤلؤِ الفتَّانِ في الحُلَلِ
إذا تـــردَّى بـــهِ عقــلٌ يزيُّنُـهُ
حـــازَ الكمــالَ وفيهِ الخيرُ منْ أزلِ
مـن يشـــترِ الصَّبرَ في أنصافِ مُدَّتِهِ
من الحيـــاةِ عداهُ اللــومُ في العزلِ
والصًّبرُ يكفيـكَ عن مــالٍ وعن عُزُمٍ
وذو الحماقــةِ كالأعضاءِ في الشَّــللِ
دُنيــا وفــي كُنهِهَــا مَملوءةٌ عِبَراً
بعضٌ يُقـــالُ وبعضُ الخيرِ لم يُقَــلِ
فـــالصمتُ والصَّبرُ في عقلٍ وبَاصِرةٍ
هم زينةُ المرءِ فـــي حِلٍ ومُرتَحــلِ
الشاعر : خالد بشير ذكرى