بشرِ القاتلَ بالقتلِ
يَرغَبُ الشَّــهمُ بــالتُّقى والحَلالِ
وَيرى فــي الحَرامِ قَيْــدَ الزَّوالِ
يَركُضُ البَعضُ خَلفَ شَـرٍّ وَسُحْتٍ
فَتَصيرُ الحَياةُ فــــي اضْمِحْلالِ
يَفرحُ الحَرفُ فـي أقاصيصِ خَيرٍ
لابتَدبيرِ غـــــادرٍ واحتِيـالِ
قِصّةٌ قــدْ يَشِيبُ مِنـــها وَليدٌ
وتَحــارُ العُقولُ فـي الأهـوالِ
عنْ غَنِيٍّ أتــــى يُسافِرُ صُبحاً
واكتَرى (تَكسَــــةً) بِغَيرِ جِدالِ
ثمَّ سارا والسَّـــائِقُ الشَّابُ غَنّى
شارِدَ العَقـلِ شــاغِلَ البِـلْبـالِ
قَصدَ عِفريــنَ يَبتغي دَيـنَ مالٍ
حــانَ وقتُ الوَفــاءِ بالآجـالِ
أخَذَ المالَ مـــــا أَسَرَّ أُموراً
ورَأى السَّـــائِقُ اللَّعينُ الغَوالي
ثمَّ ســارا عــلى الطَّريقِ بِجَدٍّ
في أوانِ الرُّجــوعِ بعـدَ الزَّوالِ
فجأةً أوقَفَ المُحرّكَ قَصــــداً
فــي افتِعــالٍ لمَقصَدٍ واحتِيالِ
نَزَلا فــــي ابتِغاءِ تَصليحِ أمرٍ
حادثٍ لــمْ يَكنْ مــنَ الأَعطالِ
واســـتَدارَ اللّعينُ يَضرِبُ هاماً
بحَديدٍ وضَربَةِ الإغــــــفالِ
ضَربةً ثُـــمَّ ضربةً ثُـَّم أخرى
حيثُ مـــاتَ الغَنِيُّ بعدَ انخِبالِ
حُمِلَتْ جُثـَّــــةُ القَتيـلِ لِبِئرٍ
حيثُ واراهُ فيــــهِ دونَ حِبالِ
ثمَّ غَطّى بِصَخــرَةٍ فَـــمَ بِئْرٍ
ومَحا الجُرمَ فـي صُنوفِ الرِّمالِ
ورأى المـــالَ مَبلغاً لا يُجارى
فَغَـــــدا البَيتُ جَيِّدَ الأحوالِ
مَدُّهُمْ ثـــمَّ فُرشُـــهُمْ وأثاثٌ
جَيِّدُ الصُّنعِ فـــي عِدادِ الكَمالِ
ثمَّ ضاعتْ مَعـــالِمُ الأمرِ طُرَّاً
في مُرورِ الصَّباحِ إثــرَ اللّيالي
ويَمُرُّ الهُمــــــامُ بَعدَ شُهورٍ
جانبَ البِئْـــرِ دونَ أيِّ سُؤالِ
موقِفاً سَـــــيرَهُ بِحُجّةِ بَولٍ
ثمَّ يَمشي لحــادِثٍ فــي البالِ
نَحوَ جُبٍّ يَضُمُّ جُثَّــــةَ غَدْرٍ
لِيَرى الجِسمَ بَعـدَ طـولِ ارتِحالِ
واضِعاً كَفّــــهُ بأسفَلِ صَخرٍ
حيثُ وافَتـــهُ بالسُّمومِ الثّـِقالِ
ماتَ منْ تَــوِّهِ ويَحضِنُ صَخراً
فوقَ بِئرٍ قَديمَةٍ فـــي التِّـلالِ
حَضَرَ الرَّكبُ بعـدَ طولِ انتِظارٍ
حَيثُ جاؤوهُ بعـدَ طولِ المَـلالِ
أدرَكوا مَوتـَـــهُ وأُخبِرَ عنهُ
وأَتى الطِّبُّ والقَضا فـي سُـؤالِ
ماتَ بالسُّمِّ فَــوقَ صَخرَةِ بِئْرٍ
عَجَبٌ أمرُهُ عـــلى كُلِّ حالِ
رَفعوا الصَّخرَةَ الثَّقيــلةَ شَيئاً
وإذا بالقَتيلِ فـــي الأوحـالِ
سـَـألوا أهلَــهُ بحاذِقِ عَقلٍ
يُؤنِسُ القُربَ مِنْ ظُنُونِ العِيـالِ
ثمَّ راحـــوا لأهْلِ سائِقِ نَقْلٍ
فَرأوا البَيتَ ذاخِـــراً بالمـالِ
منْ ثَمينٍ ومـنْ لَطيفٍ وحُسنٍ
قدْ أتى فَجـــأةً بِصدْقِ مَقـالِ
رَبطوا الأمــرَ والقَرائِنُ بانَتْ
في وضوحٍ لِكُــلِّ حاذِقِ بـالِ
َبشِّرِ القاتِــــلَ المُهانَ بِقَتلٍ
دونَ رَيبٍ وَضَجّــةٍ ومِحـالِ
فََذكــــاءٌ وفِطنَةٌ وَدهَــاءٌ
عُرِفَ الحَقُّ بعــدَ قيلٍ وَقـالِ
لوْ يُماشي حَظّي مَسـارَ حُروفي
أصبحَ البَيتُ في رؤوسِ العَلالي
الشاعر : خالد بشير زكرى