ما أصعب الوصفَ في نفسٍ وأهواءِ
لا يكملُ الوصفُ إلا بعـــدَ لأواءِ
إني لأكتبُ فــي أمــرٍ دخائـلُهُ
مخبــآتٌ لــدى أطبــاعِ أحياءِ
لكنمــا طافَ بيَ المعنى وسـايرهُ
شــعرٌ ليخرجهُ مــن تحتِ أفياءِ
دربٌ خــلالَ حياتي مـا مشيتُ بهِ
وذلكَ الصعبُ مـــن همزٍ إلى ياءِ
عســى بنــورِ حروفٍ أن أبدِّدَهُ
مــن بعــدِ عتمٍ وإخفاءٍ وظلماءِ
وأسـتعينُ بمـا قــدْ كنتُ أشهدُهُ
في عرفِ ما قدْ أرى أو عندَ إصغاءِ
فتىً أحبَ فتــــاةً إذ تبـادلــهُ
فـي العينِ حبــاً على دلٍ وإرواءِ
من ثُمَّ كـلمَــها فـي لهجةٍ مُلِئتْ
برقــةِ الأنسِ فــي مدحٍ وإطراءِ
هيَ اســتجابتْ وخجلى من مقالَتِها
وأومــأت ببنــانٍ بعــدَ إيمـاءِ
والقـلبُ صفحةُ كتبٍ لو قرأت بهـا
لطالعتــكَ بمــا تحوي بإجـلاءِ
على الفراشِ يـرى ظـلاً يرافقُـهُ
من حُبِهـا بينَ ألطـافٍ لحسـنـاءِ
خيالُـها فــي زوايا البيتِ ينـظُرهُ
ويملأ النفـسَ فــي كَشفٍ وإخفاءِ
في صفحةِ الماءِ يلقى بسمةً حضَرَتْ
إذا أتـى ليَّـروي النفـسَ بالمـاءِ
وعندمـا يأكـلُ الولهـانُ ينظُرُها
كأنهـا وُجِـدَتْ فـي كـلِّ أنحاءِ
يكَلِّمُ النفسَ مـن دونِ الجليـسِ فما
تدري أصوتٌ أتى أم بعضَ أصداءِ
وعندها مثلُهُ أو زادَ فـــي قدرٍ
كجمـرةٍ تتلـظى بعــدَ إحمـاءِ
تأتـي المرايـا فمـا تنفكُ تنظُرُها
في حمرةِ الوجنِ أو في عنقِ هيفاءِ
فلا ترى المشــطَ إلا في ذوائِبِها
يقلِبُ الشَعرَ فــي قصدٍ لإحلاءِ
وفي الحضارةِ يلـقاهـا ويدرُسُها
خلقــاً وتلقـاهُ في أطباعِ علياءِ
ورقــةٌ منـهُ والألطـافُ زائِدةٌ
كأنــهُ النبـعُ في جودٍ و إعطاءِ
عذوبةٌ لــم تكنْ يوماً على رجلٍ
ومظهرٌ زادَ فــي طيبٍ و سيماءِ
خصالُهُ مُلأتْ حبـــاً على كرَمٍ
من شجرةٍ قــد عَلَت للجوِّ بيضاءِ
وبادلتهُ بوجهٍ حــارَ مـن خجلٍ
ومن كريمِ خصالٍ شـبهَ حــواءِ
تزهـو بخنصُرِهـا والكفُ زيَنَـهُ
نعومــةٌ وتحـاكي طرفَ نجلاءِ
فالـدُّرُ والعطرُ والأنســامُ فائِحَةٌ
من جيـدِ ظبيٍ حيــاةٍ بينَ إثراءِ
والعينُ قــد زانهـا كحلٌ فزَينها
فمقلةُ العينِ تحكي طـرفَ حوراءِ
كأنهـا فتنـةٌ فــي عينِ مِدنَفِها
أو روضـةٌ ذاتُ وردٍ بيـنَ بيداءِ
كلاهـما فـي اصطناعٍ قدرَ طاقتِهِ
وبعــدها بطبـاعٍ جِـدُّ شـنعاءِ
فـأعجبتهُ كثيـراً وهـوَ أعجبـها
وقيــلَ للأهلِ من بعضِ الأحباءِ
فخطبــةٌ وصـداقٌ والمحبـةُ لا
تسـأل فكـانَ زفافٌ يفرِحُ الرائي
وبعـدَ عـامٍ وقـد ذابتْ ثُلوجُهُما
فربمـا قــدْ رآهـا مثلَ شمطاءِ
أو أنها قــدْ رأت كِـذباً طبائِعُـهُ
وقـد بـدتْ عينُهُ في قبحِ شوهـاءِ
حبٌ تصَنَّـعَ فـي كلــتا جوانبـهِ
إن دامَ فـالقـلبُ في صبرٍ وبلـواءِ
ويصبرُ الزوجُ لـكنْ كُـلُهُ أسـفٌ
أو تصبرُ الزوجةُ الأخرى بضـراءِ
أو يكرهُ البيتَ فـي أوقاتِ راحتِـهِ
وربمـا تُبِعَتْ فـي عيشِ عـذراءِ
وربمــا قعدتْ في بيتِ والـدهـا
لتبعـدِ النفـسَ عن مقتٍ وشحنـاءِ
هـذا إذا لـم يحملْ رحمُها ولـداً
أو خلفها الطفلُ إذ يحشى ببغضاءِ
عَـدُوُّهُ أولاً فـي النـاسِ والـدهُ
والقـولُ يـأتيه من ساحٍ وأعـداءِ
والناسُ تُكثِرُ من قـولٍ ومن فتَـنٍ
وربما فرحــوا فيـها كعـزلاءِ
وربمــا طلَّقَ المسكينُ زوجَتـَهُ
ثمـَّ انزوى لحيـاةٍ جِـدُ نكـراءِ
بنى قصوراً بكـذبٍ ثُـمَّ زينَهـا
بزخرُفٍ ثمَّ صارَتْ تحتَ عفـراءِ
ما كانَ في العقلِ والحسبانِ يتركها
ولا اسـتعَـدَّ لأنــواءٍ وأنـواءِ
فقدْ رأى ثوبَها وهـيَ التي درَسَتْ
ثيابَــهُ دونَمــا أخـذٍ وإعطاءِ
يا ناسُ في القلبِ أمـرٌ باتَ يجهَلُهُ
أهــلُ التقـدُّمِ فـي كلٍ و أجزاءِ
فالخاطبانِ بشــرعِ الله إن يـريا
بعضاً ولـو كـانَ في لمحٍ وإيماءِ
والأهلُ من ظلٍ ما راحوا وما رجعوا
ويدرسونَ عـــلى مهلٍ و إجلاءِ
والبنتُ مشــتاقةٌ والشـابُ ماثلها
والأهلُ قدْ بينوا فـي كــلِّ أنحاءِ
تـأتي الخطوبةُ في لينٍ وفي دِعَةٍ
وتدخُـلُ البيتَ في أعرافِ إجراءِ
شيئاً فشيئاً يكـــونُ الإدمُ بينهما
مـن غيرِ تـنبِئَةٍ تزري وإعنـاءِ
والدربُ عتمٌ وديــنُ اللهِ نـائِرُهُ
من دونِ عشــقٍ وتمثيلٍ وإغراءِ
وأهلُها مـا أصيبوا فـي كرامتهم
حينَ اللقــاءِ وقــدْ لُفوا بظلماءِ
حضارةُ الغربِ يـا أختـاهُ زائِفَةٌ
أنَطلُبُ الصَحَّ فــي تقليدِ عميـاءِ
حضارةُ الغربِ صاروخٌ وبارِجـةٌ
لا في الطباعِ ولا في شكلِ سيمـاءِ
ولا بظفرٍ طويـلٍ فــوقَ طاوِلَةٍ
ولا بقرطٍ دقيــقِ الصنـعِ لألاءِ
ولا برِقَــةِ خصرٍ عنــدَ غانِيَةٍ
ولا بثـوبٍ قصيرٍ قصــدَ إغواءِ
ولا بشـبكةِ صيدٍ فــي يدٍ حَلُمَتْ
أن تجتني الحبَّ مـن صدرٍ وأثداءِ
ما جئتُ رجعيةً في الحرفِ لا أبداً
لكنني لا أرى التريــاقَ في الداءِ
كـلُّ المصائِبِ أنَّ الغشَّ يعجبنـا
والعرفُ أصبــحَ أشـلاءً بأشلاءِ
ناهيكَ عما بنفسِ الجيلِ مـن خطأٍ
بليلةٍ من ليــالي العشـقِ حمراءِ
هناكَ جمعٌ من الأزواجِ قدْ رقصوا
وشعلةُ الشمعِ زالَتْ عنــدَ إطفاءِ
والعتمُ ســترةُ وصلٍ واضحٍ عفِنٍ
تنمو القرونُ بـهِ في خصبِ أنداءِ
لاينفعُ القولُ فـــي أمرٍ تحاوِطُهُ
جـنٌ وخالطـهُ كـأسٌ لصهبـاءِ
لـو يلمسونَ رؤوسـاً بعدَ ليلتهم
تيوس معزى وأكبـاشٌ مع الشاءِ
يا منْ يُرَجي جديداً فـي ملابسـهِ
وشاءَ تفصيلُهُ فــي كـفِّ رَفـاءِ
يـا من يؤمِـلُ توفيقـاً بزوجتـهِ
الزهرُ لا يجتنى من رملِ صحراءِ
ما غيرةُ المرءِ فـي أيديهِ يصنَعُها
لكنها سُـقِيَتْ من ثــديِ عرباء