ثراءٌ تراءى للعيونِ ومطمعُ
وبرق كذوب في الحياة ويخدعُ
يسيرُ إليهِ النلسُ خلفَ ظنونهِمْ
كأَنَّ بهِ ماءً فراتاً فيلمعُ
يغشي عقولاً أُبعِدَتْ عنْ حقيقةٍ
وقلباً علاهُ الرينُ والأذنُ تسمعُ
وقدْ تُخدَعُ الأبصارُ في نظراتِها
فتمنى بعجزٍ في الزمان وترجعُ
وهيهاتَ بعدَ الموتِ أنْ يرجِعَ الفتى
وفي الرمسِ آهاتٌ وضيقٌ ومفزَعُ
وما كنتَ مغروراً بدنيا غرورةٍ
وما كنت مخدوعاً تلُمُّ وتجمعُ
وما كنتُ فيها هائِماً في حطامها
فحسبُكَ فيها إبرةٌ وتَرَفُعُ
خفيفَةُ وزنٍ والخيوطُ ضئيلةٌ
وآمالُ عيشٍ مثلُها حيثُ تقنعُ
قنعتَ بأنَّ الطلَّ لا شكَّ زائِلٌ
وإنْ طالتْ الدنيا فلله مرجعُ
لهذا حسمتُ الأمرَ دونَ ترددٍ
ولمْ تتركِ الأطماعَ في القلبِ تصنَعُ
رضيتُ بأقدارٍ تجيءُ وقسمةٍ
وللعبد فيها قيدُ شبرٍ موضعُ
تعافُ منَ الدنيا مباهجَ أنسِها
وتنظرُ فيها زاهِداً تتوَرَعُ
إذا كبرَتْ نفس الكريمِ ترَفُعاً
فذاكَ عُلُوُّ المرءِ في العزِّ أجمعُ
فما كنتَ ترضى فوقَ كفِكَ معطياً
وباليسرِ كمْ أقدَمتَ للخيرِ تسرِعُ
وتعشقُ طيبَ القولِ عِشقَ مُتَيَّمٍ
وتبعدُ عن أقوالِ خسٍ يشَنِّعُ
وجاهدتَ ظلماً قدرَ ما أنتَ قادِرٌ
وأبعِدتَ داراً والظَلومُ يمانعُ
وقد زرت أرض الرسل تطلب عيشة
وبيروت سكنى مبعد ثم يرجع
وصلت إلى أرض الكنانة مبعداً
وفي الأرض آناف تقط وتجدع
عزيزاً و ما حيل القوي بدائم
ودهر يكافي اذ يذل ويرفع
صبور كثوم مؤمن مبتسم
ولو جاءت الدنيا بسوء تفجع
صبرت على فقد الفتى يوم موته
صلاته صخر لا يلين فيجزع
حزنت ولكن غير شاله بذلة
وقمت بأمر البين تعطي وتدفع
وربيت في كل كراماً ومثية
وفي كرم الأخلاق تأتي وتمنع