نشرت ظلال الروض في أركــانه
وسقت ندى الريحان من أغصانه
وحنت فأهْــدَت من نخيــل جنانها
رطبـــا يسـيـل الشهد من أغصانه
وشـــدت فــــأطربت الأصم بنغمة
أحنــى الغــريض بهــا على ألحانه
وزهت فأبصرها الكفيف وأشرقت
شــــــعاع نــور حـــــلَّ في أجفانه
ودنت كغصن قـــــــد تـثـاقل جنيه
وصفت كـــأعلى النبع في جريانه
وهويت صحبتها وأكره بينها
إن شذَّ حرف ضقت من هجرانه
لغة سمت فوق اللغات جميعها
اختارها الرحمن في قرآنه
تزهو بآيات الكتاب حكيمة
ومناهل للشعر في أوزانه
درر تنضد عقدها لو ترجمت
لخبا البريق وقلَّ من لمعانه
بحر يعد له الأديب مراكبا
غاصت لصيد الدر من قيعانه
في العمق أصداف يخاف تباعها
من غاص يخشى القرش من حيتانه
وتحلق الشعراء حول خوانها
كرما يروي الضيف من إحسانه
نبذا أخذت من القديم وصغتها
ومدحت عارفها على عرفانه
فالألسن الأخرى تمل رطانة
ثقلت بمسمع منصت وبيانه
ما (يس) من نعم ولا بنجور من
أهلا ويخسؤ عاوج للسانه
أمُّ الخطابة من عكاظ لعبقر
في عمق بحر مدَّ في شطآنه
ولذي الفصاحة حول ضرع حليبها
رشفٌ كطفل عبَّ من ألبانه
كلٌّ يبرعم ما يشاء لغصنه
ويصف زهر الروض في أفنانه
ما أنقصوا من مفردات كلامها
حفلوا بها كلُّ بحسب زمانه
من يوم هاجر والذبيح وكبشه
بدلا أتاه وكان من قربانه
ظمىء الصغير ولا مياه بجنبها
لا نبع تروي الطفل من ريانه
في غير ذي زرع أقامت وحدها
ولزمزم والطفلفي برهانه
هي حكمة في الحق عبرة ذبحه
لابن الخليل بحلمه وعيانه
فالحد للسكين منقلب ولو
قطعت لكان العرب في نسيانه
يا أمة شاء الإله بقاءها
وبنى لها بيتا على أركانه