الشقيقتان :
قلم الحمرة .. أختاه .. ففي شرفات الظن، ميعادي معه
أين أصباغي.. ومشطي .. والحلي؟ إن بي وجدا كوجد الزوبعة
ناوليني الثوب من مشجبه ومن الديباج هاتي أروعه
سرحيني .. جمليني .. لوني ظفري الشاحب إني مسرعة
جوربي نار .. فهل أنقذته؟ من يد موشكة أن تقطعه
ما كذبت الله .. فيما أدعي كاد أن يهجر قلبي موضعة
رحمة .. يا هند هل أمضى له وأنا مبهورة .. ممتقعة ..
إنه الآن .. إلى موعدنا جبهة .. باذخة .. مرتفعة
ورداء يحصد الشمس .. جوى وفم لون الفصول الأربعة
لا أسميه .. وإن كان اسمه نقرة العود .. وبوح المزرعة
لو سألت الريش من أجفانه أتقي البرد به .. لاقتلعه
ركزي يا هند شغلى .. فعلى سحبات الرصد ميعادي معه
يد :
يدك التي حطت على كتفي كحمامة . . نزلت لكي تشرب
عندي تســاوي ألف مملكة يا ليتهـــــــا تبقى ولا تذهب
تلك السبيكة . . كيف أرفضها من يرفض السكنى على كوكب
لهث الخيال على ملاستها وأنهار عند سوارها المذهب
الشمس نائمة على كتفي قبلتهــــا ألفــا ولم أتعب
نهر حريري . . ومروحة صينية . . وقصيدة تكتب
يدك المليسة . . كيف أقنعها أني بها .. أني بها معجب
قولي لها تمضي برحلتها فلها جميع . . جميع ما ترغب
يدك الصغيرة . . نجمة هربت مــاذا أقــول لنجمة تلعب
أنا ساهر .. ومعي يد امرأة بيضاء .. هل اشهى وهل أطيب؟
من مفكرة عاشق دمشقي :
فرشت فوق ثراك الطاهـر الهدبـا فيا دمشـق... لماذا نبـدأ العتبـا؟
حبيبتي أنـت... فاستلقي كأغنيـةٍ على ذراعي، ولا تستوضحي السببا
أنت النساء جميعاً.. ما من امـرأةٍ أحببت بعدك.. إلا خلتها كـذبا
يا شام، إن جراحي لا ضفاف لها فمسحي عن جبيني الحزن والتعبا
وأرجعيني إلى أسـوار مدرسـتي وأرجعي الحبر والطبشور والكتبا
تلك الزواريب كم كنزٍ طمرت بها وكم تركت عليها ذكريات صـبا
وكم رسمت على جدرانها صـوراً وكم كسرت على أدراجـها لعبا
أتيت من رحم الأحزان... يا وطني أقبل الأرض والأبـواب والشـهبا
حبي هـنا.. وحبيباتي ولـدن هـنا فمـن يعيـد لي العمر الذي ذهبا؟
أنا قبيلـة عشـاقٍ بكامـلـها ومن دموعي سقيت البحر والسحبا
فكـل صفصافـةٍ حولتها امـرأةً و كـل مئذنـةٍ رصـعتها ذهـبا
هـذي البساتـين كانت بين أمتعتي لما ارتحلـت عـن الفيحـاء مغتربا
فلا قميص من القمصـان ألبسـه إلا وجـدت على خيطانـه عنبا
كـم مبحـرٍ.. وهموم البر تسكنه وهاربٍ من قضاء الحب ما هـربا
يا شـام، أيـن هما عـينا معاويةٍ وأيـن من زحموا بالمنكـب الشهبا
فلا خيـول بني حمـدان راقصـةٌ زهــواً... ولا المتنبي مالئٌ حـلبا
وقبـر خالد في حـمصٍ نلامسـه فـيرجف القبـر من زواره غـضبا
يا رب حـيٍ.. رخام القبر مسكنـه ورب ميتٍ.. على أقدامـه انتصـبا
يا ابن الوليـد.. ألا سيـفٌ تؤجره؟ فكل أسيافنا قد أصبحـت خشـبا
دمشـق، يا كنز أحلامي ومروحتي أشكو العروبة أم أشكو لك العربا؟
أدمـت سياط حزيران ظهورهم فأدمنوها.. وباسوا كف من ضربا
وطالعوا كتب التاريخ.. واقتنعوا متى البنادق كانت تسكن الكتبا؟
سقـوا فلسطـين أحلاماً ملونةً وأطعموها سخيف القول والخطبا
وخلفوا القدس فوق الوحل عاريةً تبيح عـزة نهديها لمـن رغبـا..
هل من فلسطين مكتوبٌ يطمئنني عمن كتبت إليه.. وهو ما كتبا؟
وعن بساتين ليمونٍ، وعن حلمٍ يزداد عني ابتعاداً.. كلما اقتربا
أيا فلسطين.. من يهديك زنبقةً؟ ومن يعيد لك البيت الذي خربا؟
شردت فوق رصيف الدمع باحثةً عن الحنان، ولكن ما وجدت أبا..
تلفـتي... تجـدينا في مـباذلنا.. من يعبد الجنس، أو من يعبد الذهبا
فواحـدٌ أعمـت النعمى بصيرته فانحنى وأعطى الغـواني كـل ما كسبا
وواحدٌ ببحـار النفـط مغتسـلٌ قد ضاق بالخيش ثوباً فارتدى القصبا
وواحـدٌ نرجسـيٌ في سـريرته وواحـدٌ من دم الأحرار قد شربا
إن كان من ذبحوا التاريخ هم نسبي على العصـور.. فإني أرفض النسبا
يا شام، يا شام، ما في جعبتي طربٌ أستغفر الشـعر أن يستجدي الطربا
ماذا سأقرأ مـن شعري ومن أدبي؟ حوافر الخيل داسـت عندنا الأدبا
وحاصرتنا.. وآذتنـا.. فلا قلـمٌ قال الحقيقة إلا اغتيـل أو صـلبا
يا من يعاتب مذبوحـاً على دمـه ونزف شريانه، ما أسهـل العـتبا
من جرب الكي لا ينسـى مواجعه ومن رأى السم لا يشقى كمن شربا
حبل الفجيعة ملتفٌ عـلى عنقي من ذا يعاتب مشنوقاً إذا اضطربا؟
الشعر ليـس حمامـاتٍ نـطيرها نحو السماء، ولا ناياً.. وريح صبا
لكنه غضـبٌ طـالت أظـافـره ما أجبن الشعر إن لم يركب الغضبا
قصيدة غير منتهية في تعريف العشق :
.. عندما قررت أن أكتب عن تجربتي في الحب،
فكرت كثيرا..
ما الذي تجدي اعترافاتي؟
وقبلي كتب الناس عن الحب كثيرا..
صوروه فوق حيطان المغارات،
وفي أوعية الفخار والطين، قديما
نقشوه فوق عاج الفيل في الهند..
وفوق الورق البردي في مصر ،
وفوق الرز في الصين..
وأهدوه القرابين، وأهدوه النذورا..
عندما قررت أن أنشر أفكاري عن العشق.
ترددت كثيرا..
فأنا لست بقسيس،
ولا مارست تعليم التلاميذ،
ولا أؤمن أن الورد..
مضطر لأن يشرح للناس العبيرا..
ما الذي أكتب يا سيدتي؟
إنها تجربتي وحدي..
وتعنيني أنا وحدي..
إنها السيف الذي يثقبني وحدي..
فأزداد مع الموت حضورا..
2
عندما سافرت في بحرك يا سيدتي..
لم أكن أنظر في خارطة البحر،
ولم أحمل معي زورق مطاط..
ولا طوق نجاة..
بل تقدمت إلى نارك كالبوذي..
واخترت المصيرا..
لذتي كانت بأن أكتب بالطبشور..
عنواني على الشمس..
وأبني فوق نهديك الجسورا..
3
حين أحببتك..
لاحظت بأن الكرز الأحمر في بستاننا
أصبح جمرا مستديرا..
وبأن السمك الخائف من صنارة الأولاد..
يأتي بالملايين ليلقي في شواطينا البذورا..
وبأن السرو قد زاد ارتفاعا..
وبأن العمر قد زاد اتساعا..
وبأن الله ..
قد عاد إلى الأرض أخيرا..
4
حين أحببتك ..
لاحظت بأن الصيف يأتي..
عشر مرات إلينا كل عام..
وبأن القمح ينمو..
عشر مرات لدينا كل يوم
وبأن القمر الهارب من بلدتنا..
جاء يستأجر بيتا وسريرا..
وبأن العرق الممزوج بالسكر والينسون..
قد طاب على العشق كثيرا..
5
حين أحببتك ..
صارت ضحكة الأطفال في العالم أحلى..
ومذاق الخبز أحلى..
وسقوط الثلج أحلى..
ومواء القطط السوداء في الشارع أحلى..
ولقاء الكف بالكف على أرصفة " الحمراء " أحلى ..
والرسومات الصغيرات التي نتركها في فوطة المطعم أحلى..
وارتشاف القهوة السوداء..
والتدخين..
والسهرة في المسح ليل السبت..
والرمل الذي يبقي على أجسادنا من عطلة الأسبوع،
واللون النحاسي على ظهرك، من بعد ارتحال الصيف،
أحلى..
والمجلات التي نمنا عليها ..
وتمددنا .. وثرثرنا لساعات عليها ..
أصبحت في أفق الذكرى طيورا...
6
حين أحببتك يا سيدتي
طوبوا لي ..
كل أشجار الأناناس بعينيك ..
وآلاف الفدادين على الشمس،
وأعطوني مفاتيح السماوات..
وأهدوني النياشين..
وأهدوني الحريرا
7
عندما حاولت أن أكتب عن حبي ..
تعذبت كثيرا..
إنني في داخل البحر ...
وإحساسي بضغط الماء لا يعرفه
غير من ضاعوا بأعماق المحيطات دهورا.
8
ما الذي أكتب عن حبك يا سيدتي؟
كل ما تذكره ذاكرتي..
أنني استيقظت من نومي صباحا..
لأرى نفسي أميرا ..
المحاكمة :
يعانق الشرق أشعاري .. ويلعنها
فألف شكر لمن أطرى . . ومن لعنا
فكم مذبوحة . .دافعت عن دمها
وكل خائفة أهديتها وطنا
وكل نهد . .أنا أيدت ثورته
وما ترددت في أن أدفع الثمنا
أنا مع الحب حتى حين يقتلني
إذا تخليت عن عشقي .. فلست أنا
منشورَاتٌ فِدَائيّة على جُدْرَانِ إسْرائيل :
لن تجعلوا من شعبنا
شعب هنودٍ حمر..
فنحن باقون هنا..
في هذه الأرض التي تلبس في معصمها
إسوارةً من زهر
فهذه بلادنا..
فيها وجدنا منذ فجر العمر
فيها لعبنا، وعشقنا، وكتبنا الشعر
مشرشون نحن في خلجانها
مثل حشيش البحر..
مشرشون نحن في تاريخها
في خبزها المرقوق، في زيتونها
في قمحها المصفر
مشرشون نحن في وجدانها
باقون في آذارها
باقون في نيسانها
باقون كالحفر على صلبانها
باقون في نبيها الكريم، في قرآنها..
وفي الوصايا العشر..
2
لا تسكروا بالنصر…
إذا قتلتم خالداً.. فسوف يأتي عمرو
وإن سحقتم وردةً..
فسوف يبقى العطر
3
لأن موسى قطعت يداه..
ولم يعد يتقن فن السحر..
لأن موسى كسرت عصاه
ولم يعد بوسعه شق مياه البحر
لأنكم لستم كأمريكا.. ولسنا كالهنود الحمر
فسوف تهلكون عن آخركم
فوق صحاري مصر…
4
المسجد الأقصى شهيدٌ جديد
نضيفه إلى الحساب العتيق
وليست النار، وليس الحريق
سوى قناديلٍ تضيء الطريق
5
من قصب الغابات
نخرج كالجن لكم.. من قصب الغابات
من رزم البريد، من مقاعد الباصات
من علب الدخان، من صفائح البنزين، من شواهد الأموات
من الطباشير، من الألواح، من ضفائر البنات
من خشب الصلبان، ومن أوعية البخور، من أغطية الصلاة
من ورق المصحف نأتيكم
من السطور والآيات…
فنحن مبثوثون في الريح، وفي الماء، وفي النبات
ونحن معجونون بالألوان والأصوات..
لن تفلتوا.. لن تفلتوا..
فكل بيتٍ فيه بندقيه
من ضفة النيل إلى الفرات
6
لن تستريحوا معنا..
كل قتيلٍ عندنا
يموت آلافاً من المرات…
7
إنتبهوا.. إنتبهوا…
أعمدة النور لها أظافر
وللشبابيك عيونٌ عشر
والموت في انتظاركم في كل وجهٍ عابرٍ…
أو لفتةٍ.. أو خصر
الموت مخبوءٌ لكم.. في مشط كل امرأةٍ..
وخصلةٍ من شعر..
8
يا آل إسرائيل.. لا يأخذكم الغرور
عقارب الساعات إن توقفت، لا بد أن تدور..
إن اغتصاب الأرض لا يخيفنا
فالريش قد يسقط عن أجنحة النسور
والعطش الطويل لا يخيفنا
فالماء يبقى دائماً في باطن الصخور
هزمتم الجيوش.. إلا أنكم لم تهزموا الشعور
قطعتم الأشجار من رؤوسها.. وظلت الجذور
9
ننصحكم أن تقرأوا ما جاء في الزبور
ننصحكم أن تحملوا توراتكم
وتتبعوا نبيكم للطور..
فما لكم خبزٌ هنا.. ولا لكم حضور
من باب كل جامعٍ..
من خلف كل منبرٍ مكسور
سيخرج الحجاج ذات ليلةٍ.. ويخرج المنصور
10
إنتظرونا دائماً..
في كل ما لا ينتظر
فنحن في كل المطارات، وفي كل بطاقات السفر
نطلع في روما، وفي زوريخ، من تحت الحجر
نطلع من خلف التماثيل وأحواض الزهر..
رجالنا يأتون دون موعدٍ
في غضب الرعد، وزخات المطر
يأتون في عباءة الرسول، أو سيف عمر..
نساؤنا.. يرسمن أحزان فلسطين على دمع الشجر
يقبرن أطفال فلسطين، بوجدان البشر
يحملن أحجار فلسطين إلى أرض القمر..
11
لقد سرقتم وطناً..
فصفق العالم للمغامره
صادرتم الألوف من بيوتنا
وبعتم الألوف من أطفالنا
فصفق العالم للسماسره..
سرقتم الزيت من الكنائس
سرقتم المسيح من بيته في الناصره
فصفق العالم للمغامره
وتنصبون مأتماً..
إذا خطفنا طائره
12
تذكروا.. تذكروا دائماً
بأن أمريكا – على شأنها –
ليست هي الله العزيز القدير
وأن أمريكا – على بأسها –
لن تمنع الطيور أن تطير
قد تقتل الكبير.. بارودةٌ
صغيرةٌ.. في يد طفلٍ صغير
13
ما بيننا.. وبينكم.. لا ينتهي بعام
لا ينتهي بخمسةٍ.. أو عشرةٍ.. ولا بألف عام
طويلةٌ معارك التحرير كالصيام
ونحن باقون على صدوركم..
كالنقش في الرخام..
باقون في صوت المزاريب.. وفي أجنحة الحمام
باقون في ذاكرة الشمس، وفي دفاتر الأيام
باقون في شيطنة الأولاد.. في خربشة الأقلام
باقون في الخرائط الملونه
باقون في شعر امرئ القيس..
وفي شعر أبي تمام..
باقون في شفاه من نحبهم
باقون في مخارج الكلام..
14
موعدنا حين يجيء المغيب
موعدنا القادم في تل أبيب
"نصرٌ من الله وفتحٌ قريب"
15
ليس حزيران سوى يومٍ من الزمان
وأجمل الورود ما ينبت في حديقة الأحزان..
16
للحزن أولادٌ سيكبرون..
للوجع الطويل أولادٌ سيكبرون
للأرض، للحارات، للأبواب، أولادٌ سيكبرون
وهؤلاء كلهم..
تجمعوا منذ ثلاثين سنه
في غرف التحقيق، في مراكز البوليس، في السجون
تجمعوا كالدمع في العيون
وهؤلاء كلهم..
في أي.. أي لحظةٍ
من كل أبواب فلسطين سيدخلون..
17
..وجاء في كتابه تعالى:
بأنكم من مصر تخرجون
وأنكم في تيهها، سوف تجوعون، وتعطشون
وأنكم ستعبدون العجل دون ربكم
وأنكم بنعمة الله عليكم سوف تكفرون
وفي المناشير التي يحملها رجالنا
زدنا على ما قاله تعالى:
سطرين آخرين:
ومن ذرى الجولان تخرجون
وضفة الأردن تخرجون
بقوة السلاح تخرجون..
18
سوف يموت الأعور الدجال
سوف يموت الأعور الدجال
ونحن باقون هنا، حدائقاً، وعطر برتقال
باقون فيما رسم الله على دفاتر الجبال
باقون في معاصر الزيت.. وفي الأنوال
في المد.. في الجزر.. وفي الشروق والزوال
باقون في مراكب الصيد، وفي الأصداف، والرمال
باقون في قصائد الحب، وفي قصائد النضال
باقون في الشعر، وفي الأزجال
باقون في عطر المناديل..
في (الدبكة) و (الموال)..
في القصص الشعبي، والأمثال
باقون في الكوفية البيضاء، والعقال
باقون في مروءة الخيل، وفي مروءة الخيال
باقون في (المهباج) والبن، وفي تحية الرجال للرجال
باقون في معاطف الجنود، في الجراح، في السعال
باقون في سنابل القمح، وفي نسائم الشمال
باقون في الصليب..
باقون في الهلال..
في ثورة الطلاب، باقون، وفي معاول العمال
باقون في خواتم الخطبة، في أسرة الأطفال
باقون في الدموع..
باقون في الآمال
19
تسعون مليوناً من الأعراب خلف الأفق غاضبون
با ويلكم من ثأرهم..
يوم من القمقم يطلعون..
20
لأن هارون الرشيد مات من زمان
ولم يعد في القصر غلمانٌ، ولا خصيان
لأننا من قتلناه، وأطعمناه للحيتان
لأن هارون الرشيد لم يعد إنسان
لأنه في تحته الوثير لا يعرف ما القدس.. وما بيسان
فقد قطعنا رأسه، أمس، وعلقناه في بيسان
لأن هارون الرشيد أرنبٌ جبان
فقد جعلنا قصره قيادة الأركان..
21
ظل الفلسطيني أعواماً على الأبواب..
يشحذ خبز العدل من موائد الذئاب
ويشتكي عذابه للخالق التواب
وعندما.. أخرج من إسطبله حصاناً
وزيت البارودة الملقاة في السرداب
أصبح في مقدوره أن يبدأ الحساب..
22
نحن الذين نرسم الخريطه
ونرسم السفوح والهضاب..
نحن الذين نبدأ المحاكمه
ونفرض الثواب والعقاب..
23
العرب الذين كانوا عندكم مصدري أحلام
تحولوا بعد حزيران إلى حقلٍ من الألغام
وانتقلت (هانوي) من مكانها..
وانتقلت فيتنام..
24
حدائق التاريخ دوماً تزهر..
ففي ذرى الأوراس قد ماج الشقيق الأحمر..
وفي صحاري ليبيا.. أورق غصنٌ أخضر..
والعرب الذين قلتم عنهم: تحجروا
تغيروا..
تغيروا
25
أنا الفلسطيني بعد رحلة الضياع والسراب
أطلع كالعشب من الخراب
أضيء كالبرق على وجوهكم
أهطل كالسحاب
أطلع كل ليلةٍ..
من فسحة الدار، ومن مقابض الأبواب
من ورق التوت، ومن شجيرة اللبلاب
من بركة الدار، ومن ثرثرة المزراب
أطلع من صوت أبي..
من وجه أمي الطيب الجذاب
أطلع من كل العيون السود والأهداب
ومن شبابيك الحبيبات، ومن رسائل الأحباب
أفتح باب منزلي.
أدخله. من غير أن أنتظر الجواب
لأنني أنا.. السؤال والجواب
26
محاصرون أنتم بالحقد والكراهيه
فمن هنا جيش أبي عبيدةٍ
ومن هنا معاويه
سلامكم ممزقٌ..
وبيتكم مطوقٌ
كبيت أي زانيه..
27
نأتي بكوفياتنا البيضاء والسوداء
نرسم فوق جلدكم إشارة الفداء
من رحم الأيام نأتي كانبثاق الماء
من خيمة الذل التي يعلكها الهواء
من وجع الحسين نأتي.. من أسى فاطمة الزهراء
من أحدٍ نأتي.. ومن بدرٍ.. ومن أحزان كربلاء
نأتي لكي نصحح التاريخ والأشياء
ونطمس الحروف..
في الشوارع العبرية الأسماء..
أشهد أن لا أمرأه إلا أنت :
أشهد أن لا امرأة ً
أتقنت اللعبة إلا أنت
واحتملت حماقتي
عشرة أعوام كما احتملت
واصطبرت على جنوني مثلما صبرت
وقلمت أظافري
ورتبت دفاتري
وأدخلتني روضة الأطفال
إلا أنت ..
2
أشهد أن لا امرأة ً
تشبهني كصورة زيتية
في الفكر والسلوك إلا أنت
والعقل والجنون إلا أنت
والملل السريع
والتعلق السريع
إلا أنت ..
أشهد أن لا امرأة ً
قد أخذت من اهتمامي
نصف ما أخذت
واستعمرتني مثلما فعلت
وحررتني مثلما فعلت
3
أشهد أن لا امرأة ً
تعاملت معي كطفل عمره شهران
إلا أنت ..
وقدمت لي لبن العصفور
والأزهار والألعاب
إلا أنت ..
أشهد أن لا امرأة ً
كانت معي كريمة كالبحر
راقية كالشعر
ودللتني مثلما فعلت
وأفسدتني مثلما فعلت
أشهد أن لا امرأة
قد جعلت طفولتي
تمتد للخمسين .. إلا أنت
4
أشهد أن لا امرأة ً
تقدرأن تقول إنها النساء .. إلا أنت
وإن في سرتها
مركز هذا الكون
أشهد أن لا امرأة ً
تتبعها الأشجار عندما تسير
إلا أنت ..
ويشرب الحمام من مياه جسمها الثلجي
إلا أنت ..
وتأكل الخراف من حشيش إبطها الصيفي
إلا أنت
أشهد أن لا امرأة ً
إختصرت بكلمتين قصة الأنوثة
وحرضت رجولتي علي
إلا أنت ..
5
أشهد أن لا امرأة ً
توقف الزمان عند نهدها الأيمن
إلا أنت ..
وقامت الثورات من سفوح نهدها الأيسر
إلا أنت ..
أشهد أن لا امرأة ً
قد غيرت شرائع العالم إلا أنت
وغيرت
خريطة الحلال والحرام
إلا أنت ..
6
أشهد أن لا امرأة ً
تجتاحني في لحظات العشق كالزلزال
تحرقني .. تغرقني
تشعلني .. تطفئني
تكسرني نصفين كالهلال
أشهد أن لا امرأة ً
تحتل نفسي أطول احتلال
وأسعد احتلال
تزرعني
وردا دمشقيا
ونعناعا
وبرتقال
يا امرأة
اترك تحت شعرها أسئلتي
ولم تجب يوما على سؤال
يا امرأة هي اللغات كلها
لكنها
تلمس بالذهن ولا تقال
7
أيتها البحرية العينين
والشمعية اليدين
والرائعة الحضور
أيتها البيضاء كالفضة
والملساء كالبلور
أشهد أن لا امرأة ً
على محيط خصرها . .تجتمع العصور
وألف ألف كوكب يدور
أشهد أن لا امرأة ً .. غيرك يا حبيبتي
على ذراعيها تربى أول الذكور
وآخر الذكور
8
أيتها اللماحة الشفافة
العادلة الجميلة
أيتها الشهية البهية
الدائمة الطفوله
أشهد أن لا امرأة ً
تحررت من حكم أهل الكهف إلا أنت
وكسرت أصنامهم
وبددت أوهامهم
وأسقطت سلطة أهل الكهف إلا أنت
أشهد أن لا امرأة
إستقبلت بصدرها خناجر القبيلة
واعتبرت حبي لها
خلاصة الفضيله
9
أشهد أن لا امرأة ً
جاءت تماما مثلما انتظرت
وجاء طول شعرها أطول مما شئت أو حلمت
وجاء شكل نهدها
مطابقا لكل ما خططت أو رسمت
أشهد أن لا امرأة ً
تخرج من سحب الدخان .. إن دخنت
تطير كالحمامة البيضاء في فكري .. إذا فكرت
يا امرأة ..كتبت عنها كتبا بحالها
لكنها برغم شعري كله
قد بقيت .. أجمل من جميع ما كتبت
10
أشهد أن لا امرأة ً
مارست الحب معي بمنتهى الحضاره
وأخرجتني من غبار العالم الثالث
إلا أنت
أشهد أن لا امرأة ً
قبلك حلت عقدي
وثقفت لي جسدي
وحاورته مثلما تحاور القيثاره
أشهد أن لا امرأة ً
إلا أنت ..
إلا أنت ..
إلا أنت ..
هجم النفط مثل ذئب علينا :
من بحار النزيف.. جاء إليكم
حاملاً قلبه على كفيه
ساحباً خنجر الفضيحة والشعر،
ونار التغيير في عينيه
نازعاً معطف العروبة عنه
قاتلاً، في ضميره، أبويه
كافراً بالنصوص، لا تسألوه
كيف مات التاريخ في مقلتيه
كسرته بيروت مثل إناءٍ
فأتى ماشياً على جفنيه
أين يمضي؟ كل الخرائط ضاعت
أين يأوي؟ لا سقف يأوي إليه
ليس في الحي كله قرشيٌ
غسل الله من قريشٍ يديه
هجم النفط مثل ذئبٍ علينا
فارتمينا قتلى على نعليه
وقطعنا صلاتنا.. واقتنعنا
أن مجد الغني في خصيتيه
أمريكا تجرب السوط فينا
وتشد الكبير من أذنيه
وتبيع الأعراب أفلام فيديو
وتبيع الكولا إلى سيبويه
أمريكا ربٌ.. وألف جبانٍ
بيننا، راكعٌ على ركبتيه
من خراب الخراب.. جاء إليكم
حاملاً موته على كتفيه
أي شعرٍ ترى، تريدون منه
والمسامير، بعد، في معصميه؟
يا بلاداً بلا شعوبٍ.. أفيقي
واسحبي المستبد من رجليه
يا بلاداً تستعذب القمع.. حتى
صار عقل الإنسان في قدميه
كيف يا سادتي، يغني المغني
بعدما خيطوا له شفتيه؟
هل إذا مات شاعرٌ عربيٌ
يجد اليوم من يصلي عليه؟...
من شظايا بيروت.. جاء إليكم
والسكاكين مزقت رئتيه
رافعاً راية العدالة والحب..
وسيف الجلاد يومي إليه
قد تساوت كل المشانق طولاً
وتساوى شكل السجون لديه
لا يبوس اليدين شعري.. وأحرى
بالسلاطين، أن يبوسوا يديه
حبيبتي هي القانون :
أيتها الأنثى التي في صوتها
تمتزج الفضة . . بالنبيذ . . بالأمطار
ومن مرايا ركبتيها يطلع النهار
ويستعد العمر للإبحار
أيتها الأنثى التي
يختلط البحر بعينيها مع الزيتون
يا وردتي
ونجمتي
وتاج رأسي
ربما أكون
مشاغبا . . أو فوضوي الفكر
أو مجنون
إن كنت مجنونا . . وهذا ممكن
فأنت يا سيدتي
مسؤولة عن ذلك الجنون
أو كنت ملعونا وهذا ممكن
فكل من يمارس الحب بلا إجازة
في العالم الثالث
يا سيدتي ملعون
فسامحيني مرة واحدة
إذا انا خرجت عن حرفية القانون
فما الذي أصنع يا ريحانتي ؟
إن كان كل امرأة أحببتها
صارت هي القانون
قصيدة اعتذار لأبي تمام :
أحبائي :
إذا جئنا لنحضر حفلة للزار ..
منها يضجر الضجر
إذا كانت طبول الشعر ، يا سادة
تفرقنا .. وتجمعنا
وتعطينا حبوب النوم في فمنا
وتسطلنا .. وتكسرنا.
كما الأوراق في تشرين تنكسر
فإني سوف أعتذر ..
2
أحبائي :
إذا كنا سنرقص دون سيقان .. كعادتنا
ونخطب دون أسنان .. كعادتنا ..
ونؤمن دون إيمان .. كعادتنا ..
ونشنق كل من جاؤوا إلى القاعة
على حبل طويل من بلاغتنا
سأجمع كل أوراقي..
وأعتذر...
3
إذا كنا سنبقي أيها السادة
ليوم الدين .. مختلفين حول كتابة الهمزة ..
وحول قصيدة نسبت إلى عمرو بن كلثوم ..
إذا كنا سنقرأ مرة أخرى
قصائدنا التي كنا قرأناها ..
ونمضغ مرة أخرى
حروف النصب والجر .. التي كنا مضغناها
إذا كنا سنكذب مرة أخرى
ونخدع مرة أخرى الجماهير التي كنا خدعناها
ونرعد مرة أخرى ، ولا مطر ..
سأجمع كل أرواقي ..
وأعتذر..
4
إذا كان تلاقينا
لكي نتبادل الانخاب، أو نسكر ..
ونستلقي على تخت من الريحان والعنبر
إذا كنا نظن الشعر راقصة .. مع الأفراح تستأجر
وفي الميلاد ، والتأبين تستأجر
ونتلوه كما نتلو كلام الزير أو عنتر
إذا كانت هموم الشعر يا سادة
هي الترفيه عن معشوقة القيصر
ورشوة كل من في القصر من حرس .. ومن عسكر ..
إذا كنا سنسرق خطبة الحجاج : والحجاج .. والمنبر ..
ونذبح بعضنا بعضا لنعرف من بنا أشعر ..
فأكبر شاعر فينا هو الخنجر..
5
أبا تمام .. أين تكون .. أين حديثك العطر؟
وأين يد مغامرة تسافر في مجاهيل ، وتبتكر ..
أبا تمام ..
أرملة قصائدنا .. وأرملة كتابتنا ..
وأرملة هي الألفاظ والصور..
فلا ماء يسيل على دفاترنا..
ولا ريح تهب على مراكبنا
ولا شمس ولا قمر
أبا تمام، دار الشعر دورته
وثار اللفظ .. والقاموس..
ثار البدو والحضر ..
ومل البحر زرقته ..
ومل جذوعه الشجر
ونحن هنا ..
كأهل الكهف .. لا علم ولا خبر
فلا ثوارنا ثاروا ..
ولا شعراؤنا شعروا ..
أبا تمام : لا تقرأ قصائدنا ..
فكل قصورنا ورق ..
وكل دموعنا حجر ..
6
أبا تمام : إن الشعر في أعماقه سفر
وإبحار إلى الآتي .. وكشف ليس ينتظر
ولكنا .. جعلنا منه شيئا يشبه الزفة
وإيقاعا نحاسيا، يدق كأنه القدر ..
7
أمير الحرف .. سامحنا
فقد خنا جميعا مهنة الحرف
وأرهقناه بالتشطير ، والتربيع ، والتخميس ، والوصف
أبا تمام .. إن النار تأكلنا
وما زلنا نجادل بعضنا بعضا ..
عن المصروف .. والممنوع من صرف ..
وجيش الغاصب المحتل ممنوع من الصرف!!
وما زلنا نطقطق عظيم أرجلنا
ونقعد في بيوت الله ننتظر ..
بأن يأتي الإمام على .. أو يأتي لنا عمر
ولن يأتوا .. ولن يأتوا
فلا أحدا بسيف سواه ينتصر ..
8
أبا تمام : إن الناس بالكلمات قد كفروا
وبالشعراء قد كفروا..
فقل لي أيها الشاعر
لماذا الشعر حين يشيخ
لا يستل سكينا .. وينتحر؟
إغضب !! :
إغضب كما تشاء..
واجرح أحاسيسي كما تشاء
حطم أواني الزهر والمرايا
هدد بحب امرأةٍ سوايا..
فكل ما تفعله سواء..
كل ما تقوله سواء..
فأنت كالأطفال يا حبيبي
نحبهم.. مهما لنا أساؤوا..
إغضب!
فأنت رائعٌ حقاً متى تثور
إغضب!
فلولا الموج ما تكونت بحور..
كن عاصفاً.. كن ممطراً..
فإن قلبي دائماً غفور
إغضب!
فلن أجيب بالتحدي
فأنت طفلٌ عابثٌ..
يملؤه الغرور..
وكيف من صغارها..
تنتقم الطيور؟
إذهب..
إذا يوماً مللت مني..
واتهم الأقدار واتهمني..
أما أنا فإني..
سأكتفي بدمعي وحزني..
فالصمت كبرياء
والحزن كبرياء
إذهب..
إذا أتعبك البقاء..
فالأرض فيها العطر والنساء..
والأعين الخضراء والسوداء
وعندما تريد أن تراني
وعندما تحتاج كالطفل إلى حناني..
فعد إلى قلبي متى تشاء..
فأنت في حياتي الهواء..
وأنت.. عندي الأرض والسماء..
إغضب كما تشاء
واذهب كما تشاء
واذهب.. متى تشاء
لا بد أن تعود ذات يومٍ
وقد عرفت ما هو الوفاء...